عدنان بن عبد الله القطان

28 رمضان 1443هـ – 29 ابريل 2022 م

——————————————————————————–

 

الحمد لله الذي هدى الأمة إلى دين الإسلام، وبيَّن لهم فيه الأحكام، نحمده سبحانه يكرِم من يشاء برحمته ويدخلهم الجنة دار السلام، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله المبعوث رحمةً للأنام، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأزواجه وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:فيا عباد الله  أوصيكم ونفسي بتقوَى الله عزّ وجل، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)

أيها الصائمون والصائمات: السعادة والنعيم مطلب كل إنسان.. كلنا يحب أن يكون له قصر رضي، وطعام شهي، ومركب وطي، وسيارة فارهة، وملابس فاخرة، وزوجة حسناء جميلة، وخدم وحشم يقومون على خدمته، هذا هو نعيم الدنيا الذي تعلقت به قلوبنا .. ولكن، (وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَالآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ) نعيم الدنيا نراه بأعيننا، ونحسه بجوارحنا.. لكننا نؤمن أن نعيماً آخر هو أعظمُ وأبقى من هذا النعيم، (قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ، وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى، وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً ).. نعم عباد الله إنه نعيم الآخرة، نعيم الجنة، ونحن اليوم على موعد مع رحلة إيمانية، نطوّف من خلالها في أرجاء الجنة، عبر الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية الصحيحة، لنقف على شيء من ذلك النعيم، ونقارنه بنعيم الدنيا .. نذكر بالجنة في هذا الشهر الكريم، لأن الجنة تفتح أبوابها إذا جاء رمضان، ويكون للصائمين في الجنة باب خاص بهم يسمى الريان، يقول صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَاباً يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَقُومُونَ لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ) اللهم اجعلنا من أهل الجنة يا رب العالمين.. أيها المؤمنون والمؤمنات: يحشر المتقون إلى الرحمن وفداً، ويساقون إلى الجنة زمراً. لقد وجدوا ما وعدهم ربهم حقًاً وصدقاً، رضي الله عنهم ورضوا عنه. ناداهم عز وجل: (يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ، الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ، ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ) أي تتنعمون وتسعدون وتسرون في الجنة…أول زمرة منهم يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر، ثم الذين يلونهم على أشد كوكب دريٍّ إضاءة، على خلق رجل واحد على صورة أبيهم آدم، لا اختلاف بينهم ولا تباغض، قلوبهم على قلب واحد، يسبحون الله بكرةً وعشياً (دَعْوٰهُمْ فِيهَا سُبْحَـٰنَكَ ٱللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ). يناديهم المنادي: لكم النعيم سرمداً، تحيون ولا تموتون أبداً، وتصحون ولا تمرضون أبداً، تشبون ولا تهرمون أبداً، وتنعمون ولا تبأسون أبداً، يحل عليكم رضوان ربكم فلا يسخط عليكم أبداً… جنات عدن يدخلونها، غرفاتها من أصناف الجوهر كله، يرى باطنها من ظاهرها، وظاهرها من باطنها، فيها من النعيم واللذائذ ما لا عين

رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.

اقرؤوا إن شئتم: (فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) (وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ ٱلاْنْفُسُ وَتَلَذُّ ٱلاْعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ) (فِيهَا أَنْهَارٌ مّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ، وَأَنْهَارٌ مّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ، وَأَنْهَـٰرٌ مّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لّلشَّـٰرِبِينَ، وَأَنْهَـٰرٌ مّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى، وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلّ ٱلثَّمَرٰتِ وَمَغْفِرَةٌ مّن رَّبّهِمْ)… رياضها مجمع المتحابين، وحدائقها نزهة المشتاقين، وخيامها اللؤلؤية على شواطئ أنهارها بهجة للناظرين، عرش الرحمن سقفها، والمسك والزعفران تربتها، واللؤلؤ والياقوت والجوهر حصباؤها والذهب والفضة لبناتها: (غُرَفٌ مّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأنْهَـٰرُ)…

 عاليات الدرجات في عاليات المقامات، بهيجة المتاع، قصر مشيد، وأنوار تتلألأ، وسندس وإستبرق، وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة، وفرش مرفوعة، هم فيها على الأرائك متكئون..  ظلها ممدود، وطيرها غير محدود، فاكهة مما يتخيرون، ولحم طير مما يشتهون. قطوفها دانية للآكلين، وطعمها لذة للطاعمين. قد ذللت قطوفها تذليلاً… نعيم البدن بالجنان والأنهار والثمار، ونعيم النفس بالأزواج المطهرة، ونعيم القلب وقرة العين بالخلود والدوام، عيش ونعيم أبد الآباد، عطاء من ربك غير مجذوذ…. فيها أزواج مطهرة، خيرات حسان الوجوه، جمعن الجمال الباطن والظاهر من جميع الوجوه، في الخيام مقصورات، وللطرف قاصرات، تقصر عن حسنهن عيون الواصفين   لا يفنى شبابها، ولا يبلى جمالها: (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَانٌّ) فيا من انتهك حرمات رب العالمين .. إياك أن تبيع الحور العين ببنات الطين .. غض بصرك عن الحرام، وأحفظ نفسك من الزنى والفجور، وقدم العفة مهراً للحور. واعلموا رحمكم الله أن الزوجة الصالحة المؤمنة المطيعة لزوجها في المعروف، من أهل الدنيا يكون جمالها في الجنة يفوق جمال الحور العين! لماذا؟

لأنها هي التي صامت وصلت وقامت لله، وهى التي حاربت الشهوات وصبرت على الأذى والبلاء، فاستحقت من الله أن يكافئها على ذلك، يقول تعالى: (إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً عُرُباً أَتْرَاباً لأصحاب اليمين) والمرأة التي لم تتزوج في الدنيا فإن الله تعالى يزوجها ما تقر بها عينها في الجنة. وصدق الله العظيم: (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ، فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً، وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)… أيها المؤمنون: أصحاب الجنة يلبسون من سندس وإستبرق متقابلين، ويحلون من أساور من ذهب ولؤلؤاً، (وَسَقَـٰهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً) (يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَـٰفٍ مّن ذَهَبٍ وَأَكْوٰبٍ) يجتمعون في ظلها الظليل يتنازعون فيها كؤوس الرحيق المختوم، والتسنيم والسلسبيل، تتوالى عليهم المسرات والخيرات والإحسان والمكرمات… نزع من قلوبهم الحقد والغل، وطرد عنهم الحَزَنُ والهمّ: (وَقَالُواْ ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا ٱلْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ ٱلَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ ٱلْمُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ لاَ يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلاَ يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ). هدوءٌ ورضاً يغمره السلام والاطمئنان، والود والأمان، يبلغهم ربهم السلام: (سَلاَمٌ قَوْلاً مّن رَّبّ رَّحِيمٍ) والملائكة يدخلون عليهم من كل باب بالسلام: (سَلَـٰمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَىٰ ٱلدَّارِ). وخزنة الجنة يحيونهم بالسلام: (سَلَـٰمٌ عَلَيْكُـمْ طِبْتُمْ فَٱدْخُلُوهَا خَـٰلِدِينَ) في جنات عدن يأتلفُ شملهم مع آبائهم وأزواجهم وذرياتهم وإخوانهم وأحبابهم: (جَنَّـٰتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوٰجِهِمْ وَذُرّيَّاتِهِمْ) (وَنَزَعْنَا مَا فِى صُدُورِهِم مّنْ غِلّ إِخْوَاناً عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَـٰبِلِينَ) وفي جو التجمع والتلاقي تنادي الملائكة عليهم بالتكريم والترحيب: (سَلَـٰمٌ عَلَيْكُمُ ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)

أيها الإخوة المؤمنون: هؤلاء هم أصحاب الجنة: (كَانُواْ قَلِيلاً مّن ٱلَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ، وَبِٱلاْسْحَـٰرِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ، وَفِى أَمْوٰلِهِمْ حَقٌّ لَّلسَّائِلِ وَٱلْمَحْرُومِ) يصلون بالليل والناس نيام، يصومون وغيرهم يأكل، وينفقون وغيرهم يبخل، ويجاهدون وغيرهم يتقاعس ويجبن… أولئك هم عباد الله حفظوا وصية الله، ورعوا عهده، بربهم يؤمنون، وبربهم لا يشركون وهم من خشيته مشفقون، استجابوا لربهم، وأقاموا الصلاة، وأنفقوا سراً وعلانية في السراء والضراء، يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة، يجتنبون كبائر الإثم والفواحش ويتوبون ويستغفرون إذا وقعوا فيها، إذا ذكر الله وجلت قلوبهم، وإذا تليت عليهم آياته، زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون، عن اللغو معرضون، وللزكاة فاعلون، ولفروجهم حافظون، إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين. لأماناتهم وعهدهم راعون. طالما تعبت أجسادهم من الجوع والسهر، واستعدوا من الزاد بما يكفي لطول السفر، عبراتهم تجري وفي قلوبهم معتبر، كثر استغفارهم فحطت خطاياهم، وكل ما طلبوا من ربهم أعطاهم، فسبحان من اختارهم واصطفاهم، (إنهم عباد الله المخلَصون)، فيهم الإمام والحاكم العادل، والشهيد المحتسب، والشاب الصالح العفيف، والمرأة الصالحة المتعففة، فيهم المؤمن التقي، والمنفق المتصدق الذي لا يخشى الفقر..

أيها الصائمون والصائمات: كل الذي سمعتم عن النعيم في الجنة ليس مقصوراً على الرجال دون النساء، إنما هو للرجال والنساء على حد سواء، يقول تعالى: (وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ) ويقول: (وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأنفُسُ وَتَلَذُّ الأعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ).الله أكبر يا عباد الله، أهل الجنان والغرفات أقوام آمنوا بالله وصدقوا المرسلين: (وَقَالُواْ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِى هَدَانَا لِهَـٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِىَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا ٱللَّهُ لَقَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبّنَا بِٱلْحَقّ وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ ٱلْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ

اللهم إنا نسألك رضاك والجنة ونعوذ بك من سخطك والنار، ونسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل. برحمتك يا أرحم الراحمين.

نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبهدي سيد المرسلين أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين، من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

 

الخطبة الثانية

الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد: فيا أيها الصائمون والصائمات: اعلموا رحمكم الله أن هذا الشهر شهر الصيام قد عزم على الرحيل بعد المقام، وهو شاهد لنا أو علينا عند الملك العلام ، طالما والله عمرت به القلوب، ودرست فيه والله معالم الآثام، وقد كان لنا نعم الضيف، فهل قمنا له بما يجب علينا من الإكرام ، فلعل المسوف فيه بالتوبة لا يدركه بعد هذا العام، والمغتر بالإمهال لا يمهله الموت والمنون، فيندم حين لا ينفعه الندم، ويتأسف على التفريط إذا زلت به والله القدم ، فمن منكم أحسن فعليه بالتمام، ومن فرط وقصر فليختمه بالحسنى فالعمل بالختام، وودعوه عند فراقه بأزكى تحية وسلام، أيها المقبول منا هنيئاً لك، ويا أيها المفرط والمقصر عفا الله عنك وغفر لك.

ألا إن السعيد في هذا الشهر المبارك من وُفق لإتمام العمل وإخلاصه، ومحاسبة النفس والاستغفار والتوبة النصوح في ختامه، فإن الأعمال بالخواتيم.

أيها المؤمنون: أعلموا حفظكم الله أن الله شرع لكم في ختام شهركم أعمالاً عظيمة، تسدُّ الخلل، وتجبر التقصير، وتزيد المثوبة والأجر، فندبكم في ختام شهركم إلى الاستغفار والشكر والتوبة، فقال تعالى: (وَلِتُكْمِلُواْ ٱلْعِدَّةَ وَلِتُكَبّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) كما شرع لكم زكاة الفطر شكراً لله على نعمة التوفيق للصيام والقيام، وطهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين، وتحريكاً لمشاعر الأخوة والألفة بين المسلمين، وهي صاع من طعام من برّ أو نحوه من قوت البلد كالأرز وغيره، فيجب إخراجها عن الكبير والصغير والذكر والأنثى والخدم من المسلمين، ويستحب إخراجها عن الحمل في بطن أمه، والأفضل إخراجها ما بين صلاة الفجر وصلاة العيد، وإن أخرجها قبل العيد بيوم أو يومين فلا حرج إن شاء الله. ولا بأس في دفع القيمة في زكاة الفطر، وقد جوز أخراج القيمة جمع من العلماء والأئمة الأعلام (ومقدارها دينار ونصف)، فأدوا رحمكم الله زكاة الفطر طيبة بها نفوسكم، وادفعوها إلى مستحقيها من الفقراء والمساكين والأرامل والأيتام والمحتاجين ونحوهم، وراقبوا الله فيها وقتاً وقدراً ومصرفاً، فقد أعطاكم مولاكم الكثير وطلب منكم القليل. واشكروا ربَّكم على تمامِ فرضكم، وابتهجوا بعيدكم بالبقاء على العهدِ وإتباع الحسنةِ بالحسنة، وإيّاكم والمجاهرةَ في الأعياد بقبيح الفعال والآثام، يقول أحد السلف: كلّ يوم لا يُعصَى الله فيه فهو عيد، وكلّ يوم يقطعه المؤمن في طاعة مولاه وذكره فهو عيد.

 تقبل الله منّا ومنكم صالحَ الأعمال، وجعلنا وإيّاكم والمسلمين جميعاً مِن عتقائه من النّار، إنّه سميع مجيب الدعاء.

 اللهم اختم لنا شهر رمضان برضوانك، والعتق من نيرانك، وجد علينا بلطفك وامتنانك، وهب لنا ما وهبته لأوليائك، اللهم اجعلنا ممن قبلت صيامه، وأسعدته بطاعتك فاستعد لما أمامه، وغفرت له زلله وآثامه. اللهم أعد علينا رمضان أعواماً عديدة، وأزمنة مديدة، اللهم وفقنا لتدارك بقايا الأعمار، وآتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار… اللهم ارزقنا الاستقامة والعمل الصالح في رمضان وبعد رمضان يا رب العالمين.

اللهم إن كان في سابق علمك أن تجمعنا في مثل هذا الشهر فبارك لنا فيه، وإن قضيت بقطع آجالنا وما يحول بيننا وبينه فأحسن الخلافة على باقينا، وأوسع الرحمة على ماضينا، وعمنا جميعاً برحمتك ورضوانك، واجعل الموعد بحبوحة جنانك وغفرانك، اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا.

 اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين، اللهم اجعل كلمتك هي العليا إلى يوم الدين.

اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين، اللهم اجعل كلمتك هي العليا إلى يوم الدين.

اللهم أحفظ بلادنا البحرين وبلاد الحرمين الشريفين وخليجنا، واجعله آمناً مطمئناً سخاء رخاء وسائر بلاد المسلمين. اللهم وفق ولاة أمورنا لما تحب وترضى، وفق ملكنا حمد بن عيسى وولي عهده رئيس وزرائه سلمان بن حمد، اللهم أعنهم على أمور دينهم ودنياهم.  وهيئ لهم من أمرهم رشداً، وأصلح بطانتهم ووفقهم للعمل الرشيد والقول السديد، ولما فيه خير البلاد والعباد إنك على كل شيء قدير..

اللهم كن لإخواننا المستضعفين المظلومين في كل مكان ناصراً ومؤيداً، اللهم أحفظ بيت المقدس وفلسطين والمسجد الأقصى، وأحفظ أهله، وأحفظ المرابطين فيه واجعله شامخاً عزيزاً عامراً بالطاعة والعبادة إلى يوم الدين.

اللهم اغفر ذنوبنا، واستر عيوبنا، ونفس كروبنا، وعاف مبتلانا، واشف مرضانا، واشف مرضانا، وارحم والدينا وارحم موتانا، وارحم موتانا، برحمتك يا أرحم الراحمين.

الْلَّهُمَّ صَلِّ وَسَلَّمَ وَزِدْ وَبَارِكَ عَلَىَ سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَىَ آَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ. (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)

       خطبة جامع الفاتح الإسلامي – عدنان بن عبد الله القطان – مملكة البحرين